قدم اتحاد الغرف العربية في نيسان 2017 ورقة بعنوان "تحديث وموائمة مخرجات التعليم في العالم العربي مع أسواق العمل العربية" وأثرت هنا تلخيص بعض ما ورد فيها وإضافة المناسب للموضوع.
أشار تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية (بعنوان الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم-2017)، أن نسبة البطالة في العالم وصلت 5.8% في عام 2017، مما يعني ارتفاع عدد العاطلين عن العمل 3.4 مليون شخصاً.
مع توقع أن يصل عدد العاطلين عن العمل في العالم إلى أكثر من 20 مليون مع ازدياده بمقدار 2.7 مليون عام 2018 إذ أن وتيرة نمو القوى العاملة تفوق عدد فرص العمل الجديدة.
اتجاهات وتوقعات البطالة ما بين 2016و 2018- منظمة العمل الدولية
المصدر: اتحاد الغرف العربية نيسان 2017
البيئة الجامعية لتنمية رأس المال البشري
يجب على الدول العربية مراجعة ما تقدمه البيئة التعليمية للمتعلمين في الوطن العربي، والتي لا تخلق الجيل القادر على مواجهة رياح العولمة في ضوء الانظمة التعليمية الحالية، نظراً لان التعليم فيها يعتمد على تلبية فترة زمنية واحدة، وعلى تلبية منطقة مكانية أو إقليمية واحدة، بالإضافة للتحديات التي تضم المتغيرات الاقتصادية والثقافية والتقنية والمعرفية. وأكد سلوتر وليسلي على أهمية وظيفة التعليم الجامعي ليكون ذو علاقة وثيقة بالاقتصاد الذي يرتكز بقوة على التقنية والمعرفة والابتكار، ورأى سلوتر وليسلي ضرورة تبصر معظم دول العالم في وظيفة الجامعات كبؤرة جوهرية للمشاركة مع العالم في إعداد وتقدم رأس المال البشري الذي يسهم في تحقيق المنافسة في الاقتصاد ظل العولمة.
مواءمة التعليم مع متطلبات أسواق العمل المحلية العربية.
يلعب التعليم دوراً هاماً في تطوير المجتمع عن طريق تحسين المعرفة وقابلية الموارد البشرية لاستثمار ما تعلموه في الإنتاج الاقتصادي والاجتماعي، لكن الثقافة وحدها لا تخلق الوظائف، والتي تتطلب وجود خطط وبرامج تنموية اقتصادية واجتماعية لاستثمار رؤوس الأموال البشرية العربية. وبصورة عامة تحتاج الأسواق العربية إلى الاختصاصيين الفنيين، والقوى العاملة الحاصلة على ثقافة عالية، كما توجد حاجة إلى المدرسين الجامعيين وللمدارس ولخريجي الكليات ذوي المهارات الخاصة الضرورية لتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يحتاج القطاع الصناعي في الدول العربية للفنيين والعاملين الماهرين وشبه الماهرين والمدربين بدخل كاف.
وتعد المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل من التحديات التي تواجه الدول العربية في القرن الحالي، ولهذا سعت العديد من الحكومات وبذلت جهوداً كبيرة لإيجاد حلول لمساعدة خريجي الجامعات والكليات والمعاهد التقنية لقبولهم في سوق العمل، وتشير كل المعطيات إلى ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل المحلي والعالمي، ومتطلبات التنمية البشرية والاقتصادية في وطننا العربي والدول النامية بشكل عام، وهي أعمق وأشد أثراً مما هي في العديد من دول العالم خاصة الدول الصناعية، لعدم وجود تواصل وتفاعل وتكامل بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل، مما يستدعي إعادة تأهيل الطلبة المنتظمين والخريجين وتدريبهم باستمرار، وإعادة النظر ببرامج التعليم العالي في ضوء الحاجة التنموية ومتطلبات سوق العمل العصرية وقدرات الطلبة واستعداداتهم وميولهم واتجاهاتهم.
ويستدعي ذلك التأكيد على أهمية تنويع نماذج التعليم العالي، والعمل على إعادة صياغة المناهج الأكاديمية لتواكب التطور التكنولوجي ومشاركة القطاع الخاص في وضع الخطط الاكاديمية لمؤسسات التعليم العالي، باعتباره أحد الجهات الرئيسة لاستقبال مخرجات التعليم العالي، ولتوثيق الروابط مع عالم سوق العمل، فضلاً عن أهمية إتاحة الفرص امام الطلاب لتنمية قدراتهم الشخصية بروح من المسؤولية المجتمعية.
بطالة خريجي التعليم العالي بالدول العربية.
بالرغم من سياسات وآليات التشغيل التي اعتمدت من أجل الحد من ظاهرة البطالة، إلا أن هذه الأخيرة أخذت أشكالاً جديدة، على رأسها بطالة المتعلمين، أو ما يعرف ببطالة حملة الشهادات. وظهر هذا الشكل الجديد من البطالة في ساحة الاقتصاد العربي، حيث انتشرت البطالة بين المتعلمين وبشكل خاص خريجي الجامعات وأصبحت هذه الظاهرة تستدعي الدراسة والتحليل.
في الأردن بلغت نسبة البطالة العامة خلال الربع الأول 2017 إلى نحو (18.2%) حيث بلغ معدل البطالة للذكور (13.9%) وللإناث (33%)، وقد بلغت نسبة حملة الشهادات الجامعية في المتعطلين عن العمل نحو (21.4%)
ضعف ارتباط مخرجات التعليم مع احتياجات أسواق العمل المتغيرة
تركز منظومات التعليم العربية على إعداد المتخرجين دون إنتاج المهارات والمعارف اللازمة للتنمية والمساهمة في رفع الإنتاجية والنمو، حيث أصبحت الشهادات هي المعيار الأساسي للتوظيف في القطاع العام مما أدى إلى ظاهرة السعي المفرط للحصول على شهادات أعلى استجابة لاحتياجات التوظيف في القطاع الحكومي وليس سبيلاً لاكتساب المهارات، وإلى انتشار الوظائف غير المنتجة التي لا تؤدي إلى تحسين القدرات التنافسية في الاقتصاد، وبالتالي سوء استخدام وهدر رأس المال البشري.
قصور سياسات أسواق العمل في الاستفادة من الموارد البشرية
يحدث ذلك لعدم قدرة الاقتصادات العربية على توفير فرص عمل كافية للمتعلمين وأصحاب المهارات العالية نتيجة لعدم تنوعها، ولتخصص العديد منها في القطاعات الإنتاجية الأولية وفي السلع ذات القيمة المضافة المتدنية، بالإضافة إلى استقطاب قطاع الصناعات التحويلية للنصيب الأقل من إجمالي القوى العاملة العربية، بسبب ضعف مساهمة هذا القطاع في الناتج، حيث بلغ بالنسبة للدول العربية ككل 17% عام 2012، كذلك تتسم أسواق العمل بعدم الكفاءة حيث تتركز معظم وظائف القطاع الخاص في القطاع غير الرسمي ذي الإنتاجية المنخفضة والأجور المتدنية بالمقارنة مع القطاع العام الرسمي الذي يعتبر أكبر مصدر للتوظيف في الدول العربية، كما انه في كثير من الحالات تلعب المحسوبية والنفوذ دوراً أكبـر من التحصيل العلمي والكفاءات في التعيين في الوظائف، وهو ما يرسخ لدى الأفراد القناعة بأن المحسوبية والعلاقات الشخصية المناسبة كافية لأغراض التوظيف، وبالتالي يقل لديهم الحافز لتطوير مهاراتهم داخل وخارج إطار الجامعة.
عدم وجود قواعد معلومات ببعض البلدان العربية عن احتياجات سوق العمل من التخصصات والمهارات، لتكون الموجه لسياسات القبول وتوزيع الطلبة على التخصصات المختلفة بالجامعات العربية ومن هنا جاء موقع اختر تخصصك الذي أخلقته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأردنية في تموز 2017.